الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

الحكومة الإلكترونية

مفهوم الحكومة الإلكترونية E-government
وتجارب بعض الدول العربية



 
مقدمة :
يتسم العمل الحكومي في معظم دول العالم بإجراءاته الروتينية الطويلة وبالبطء العام ، وهذا يشكل تكلفة كبيرة على الدول من حيث الجهد المبذول ومن حيث أهمية الوقت وكذلك استغلال الموارد المتاحة على الوجه الأمثل. ومع تطور التقنيات الحديثة والاهتمام العالمي الكبير بقطاع تكنولوجيا المعلومات التي ترافقت مع ثورة المعلومات ، فقد اصبح لزاما أن يتجه العالم بأكمله نحو تبني الوسائل الحديثة في العمل والاتصال.
إن مفهوم الحكومة الإلكترونية يشمل نموذجا جديدا من التعاملات الحكومية واعادة تعريف العلاقة بين الحكومة والمواطنين ومساعدة الحكومة في تغيير طريقة عملها وتوصيل خدماتها الحيوية للمواطنين، وذلك عن طريق توفير بنية تصميميه تلبي احتياجات الحكومة يطلق عليها (Windows DNA for Government) ، وإطار عام للمقاييس والعمليات وتدفق العمل وتفاعل النظم يعرف ب Gov. Talk))، وبنية شاملة للمواقع والمنصات المعلوماتية الحكومية والمجتمعات الرقمية ، بالإضافة إلى تفعيل البنية الأساسية للتقنيات والتحالفات مع شركاء يقدمون خيارا واسعا لتطوير وتركيب ودعم حلول التطبيقات (Line of Business LOB).
ويأتي التفكير في تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية E-government كخطوة جديدة للتفاعل مع معطيات القرن الجديد من حيث شمول كل مؤسسة من مؤسسات الدولة بنظام إلكتروني حديث وربط هذه المؤسسات مع بعضها بشبكة إلكترونية موحدة.
إن تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية داخل مؤسسات الدولة سيساعد على توحيد المعلومات الحكومية وترتيبها وتنظيمها How to unite government data)) ، مما سيساهم في تحسين كفاءة المؤسسات والأجهزة الحكومية واستغلال الموارد المتوفرة داخل الدولة بالشكل الأفضل.
ومن الجدير ذكره أن هنالك العديد من الدول ما تزال تسير في عملية تحويل مسارها لتتبنى مفهوم الحكومة الإلكترونية بصورته الكلية، ففي ولاية كاليفورنيا سينتهي تطبيق الحكومة الإلكترونية في 2002، وفي كندا في 2004 ، والولايات المتحدة الأمريكية في 2005 ، و على الصعيد العربي سينتهي تطبيق الحكومة الإلكترونية في قطر في خريف 2002 ، أما الأكثر تقدما فهي الإمارات العربية ( دبي) حيث ستنتهي في نهاية 2001.

 

تجربة دبي والتفوق الدولي

شرعت بلدية دبي بأولى مبادراتها نحو تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية وذلك من خلال تقديمها للمرحلة الأولى من نظام استيفاء الرسوم عبر شبكة الإنترنت وذلك من خلال تطبيق أسلوب الدفع الإلكتروني عن طريق الإنترنت وذلك لجميع الفنادق والشقق الفندقية في دبي. كما أن نظام الإيرادات على الإنترنت سيساعد على تخفيف إجراءات العمل وتبسيطها على المراجع الخارجي، إضافة إلى توفير بيانات وتقارير دقيقة للإدارة ، حيث سيتم تزويد جميع الفنادق والشقق الفندقية برقم خاص ورمز سري وذلك لضمان أمن ودقة معاملاتهم وسيتم التوسع في التحول إلى الحكومة الإلكترونية في المستقبل ليشمل النظام الآلي لتحصيل عوائد دور السينما ورسوم وغرامات  ممتلكات البلدية ورسوم السكن والأسواق. وقد عملت دائرة الإقامة في دبي مؤخرا على إنشاء شبكة حاسب مركزية بينها وبين الفنادق والمنتجعات السياحية في الإمارات من اجل تبسيط الإجراءات لإصدار تأشيرة ( Visa) للسياح.
يركز مفهوم الحكومة الإلكترونية في دبي على ثلاثة أبعاد رئيسة : الحكومة إلى المواطنين Government to citizens ، الحكومة إلى التجارة والأعمال Government to business ، والحكومة للحكومة Government to government. وسيتم بنفس الوقت تطوير ثلاثة مشاريع للحكومة الإلكترونية في الإمارات: مشروع دبي للإنترنت ، مشروع دبي الإلكتروني ، ومشروع إدخال الإنترنت إلى المدارس.
ومن الجدير ذكره أن تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية في دبي بدأ بالاتفاق على تنفيذ ستة متطلبات لتنفيذ هذا التوجه:
1-                توحيد أنظمة المعلومات( (data system من اجل التخطيط السليم وادارة الموارد الحكومية بشكل أفضل، وهذا يشمل: المالية، المشتريات، العقود، التخزين، الموارد البشرية، الصيانة، الإدارة، وخدمات البريد.
2-                 تأسيس شبكة معلومات حكومية information network)) باستخدام البريد الإلكتروني (e-mail) للاتصالات بين دوائر  ومؤسسات الحكومة المختلفة .
3-                إجراءات حماية وأمن ومراقبة الأنظمة لمنع أي انتهاكات أو اختراقات للنظام.
4-                تأسيس دائرة لتخطيط وادارة موارد المعلومات الحكومية.
5-              تقوم هذه الدائرة بالمهام التالية : تقديم خدمات مركزية للحاسب يمكن استخدامها من قبل جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية ، كذلك تأسيس شبكة معلومات حكومية واستخدام أنظمة المعلومات للتخطيط وادارة الموارد الحكومية والعمل على تقديم دعم فني لتسهيل تبادل المعلومات بين النظام المركزي والدوائر الحكومية من خلال البريد الإلكتروني (e-mai) .
6-              تأسيس لجنة عليا لتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية تكون مهمتها دراسة الأساليب والطرق التي يمكن من خلالها توحيد أنظمة المعلومات بين المؤسسات الحكومية ، كذلك اقتراح تعديلات وقوانين وتشريعات جديدة تتعلق بمفهوم الحكومة الإلكترونية وإدخال تحسينات جديدة على منهجيات العمل المستخدمة وكذلك الإجراءات المالية والإدارية.
الحكومة الإماراتية ترسم استراتيجية لتطبيق e-government  تنتهي في أكتوبر 2001 ، بحيث تصبح كافة المؤسسات الحكومية في الإمارات تدار إلكترونيا. 
آلية العمل والتطبيق
إن تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية يتطلب الانتباه إلى شمول كافة مؤسسات الدولة بأجهزة الحاسب والبدء بإدخال كافة المعلومات ومنهجيات العمل على هذه الأجهزة ضمن أنظمة خاصة تناسب كل مؤسسة.
يجب أن تتم عملية التطبيق على مراحل بحيث يتم البدء بكل مؤسسة على حدا ، ومن ثم ربط هذه المؤسسات مع بعضها من خلال شبكة مركزية central network)).


التجربة الاردنية الحكومة الالكترونية:
إن مفهوم e-government هو تحدي كبير أمام كافة مؤسسات الدولة ، وهو يعني الانتقال من العمل الحكومي التقليدي إلى نقلة نوعية تكنولوجية حديثة ومتطورة ، ولكن قبل البدء بالتنفيذ يجب أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:
-         إن تحويل الحكومة إلى حكومة إلكترونية يحتاج الى تمويل كبير واعادة هيكلة لبعض المؤسسات الحكومية.
-         إن تطبيق الحكومة الإلكترونية يحتاج إلى سن مجموعة من التشريعات والقوانين التي تضمن تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية بكفاءة وفعالية للحفاظ على حقوق المتعاملين بها.
-         بناء نظام مراقبة متكامل لتشجيع المستثمرين وقطاع الأعمال للتعامل مع الحكومة بفعالية ، وخلق بيئة ملائمة وآمنة لتحفيزهم على التطور في مجال الأعمال الإلكترونيةe-businesses )
-      إن 40% من القوى البشرية العاملة في الأردن تتواجد في القطاع الحكومي ، وعند تطبيق الحكومة الإلكترونية فان ذلك سيوفر الوقت والجهد في العمل ، مما يعني الاستغناء عن عدد كبير من موظفي الدولة.
-      إن تطبيق e-government  يعني العمل الحكومي بمفهوم One big internet  لذلك يفضل أن يبدأ ذلك بمراحل وبشكل تدريجي بعد أن يتم تحديد المؤسسات الحكومية التي ستدخل ضمن مفهوم الحكومة الإلكترونية.
-       اكبر تحدي يواجه أي دولة بصدد الدخول في e-government هو التداخل بين المؤسسات من ناحية المعلومات وطبيعة الأعمال.
الاستفادة من تجارب الدول المجاورة في هذا المجال وبخاصة تجربة دبي.


 (5) التجربة السودانية  والحكومة الالكترونية:
      لقد بدات فكرة الحكومة الالكترونية في السودان عام 1992 وذلك من خلال تصور الشبكة الالكترونية الذي تم تقديمه من خلال ورقة مبدئية قدمت في مؤتمر الشبكة القومية للمعلومات في يوليو 1992 وتم نشره في مجلة الدراسات الاستراتيجية وهو ضمن الاوراق المعروضة في هذا الكتاب. لقد بذل جهد كبير منذ ذلك الوقت من ادارة المعلومات في مجلس الوزراء لتصميم الاستمارات المعلوماتية المبدئية للحكومة الالكترونية وتعريف المستخدمين علي مستوى الولاية والمركز بهذه الاستمارات كما قامت شركة بيت البرامج ببرمجة هذه التصاميم واخيرا توج هذا الجهد بانشاء الشبكة القومية للمعلومات والتي تسعى سعيا حثيثا لجعل هذه التصورات امرا واقعا فقامت تلك الادارة باقتناء بعض المخدمات وربطها بالوزارات المركزية والحكومات الولائية كما قامت بعمل عدة اجتماعات لتوعية الاداريين ولتعريف الفنيين بالمشروع واجازت مشاريع القوانين المنظمة ونشطت الجهات الفنية  ودربت المسئولين علي المهارات الاساسية ابتداء من رأس الدولة .
هذا من جانب المعلوماتية اما من جانب البنية التحتية فقد انشئت خلال هذه الفترة شركة سوداتل وتم ربط اغلب مدن السودان بالالياف البصرية وقدمت خدمات مناقلة البيانات عبر التقنيات المختلفة مثل Data cloud كما انشئت سودانت وقدمت خدمات الانترنت وسهلت استخداماتها للمؤسسات وللافراد وفي الجانب الاقتصادي قامت الدولة باعفاء الضرائب الجمركية عن اجهزة تقانة المعلومات وشجعت تخصصات علوم الحاسوب ونشر ثقافة المعلوماتية منذ مرحلة التعليم العام.

         هنا لا بد من ملاحظة هامة وهي ان الحكومة السودانية لم تستفد من العون الاجنبي والدعم الدولي وخاصة دعم مشروع الامم المتحدة الانمائي كما استفادت منه دول اخرى مثل مصر والاردن وسوريا والامارات وغيرها من الدول بل تم توجيه هذا الدعم في دراسات تحليلية وفي انظمة غير مناسبة لتوجه الحكومة الالكترونية.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق